الصفحة الرئيسية  أخبار عالميّة

أخبار عالميّة السيسي والصباحي والفقر

نشر في  27 ماي 2014  (11:12)

بقلم الكاتب المصري محمد طلعت

السيسي ابن شرعي للحالة المصرية العطبة التى تغلغت في نسيح المجتمع منذ السبعينيات وتم تشكيل الوعي المصري عليها بخلطة رئاسية منبرية، وهي تلك الحالة التى لخصها الرئيس السادات بجملته الفريدة (دولة العلم والإيمان)، التي لخصها بدوره السيسي بدولة (أنا الرئيس المسؤول عن الأخلاق والدين).. وهذه الحالة يؤكد تاريخها أنها لم تساهم بأي تقدم ملحوظ في حياتنا الاجتماعية؛ سوى بالكثير من الانحلال الديني والعلمي والأخلاقي، على أصعدة المجتمع المختلفة، بداية من الثقافة الاستهلاكية السمعية والمرئية للدين، إلى ترسيخ مفاهيم علمية تسعى للترقيع بين الدين والعلم، وفتح باب الصراع بينهما بهدف اشغال المجتمع وتسطيحه علميا ورد كل شيء (بطريقة مغلوطة) إلى قدرة الله واستيعاب الدين كل المفاهيم العلمية.

باختصار السيسي ابن حالة اجتماعية مريضة، أثرت علي مستوى تفكيره وقيمه ومواقفه، التى يصر على تصديرها في أسلوب جمالي مشوه، من خلال إطلاقه بعض المصطلحات، التى بدا أنه لا يعي عمقها وخطورتها، من قبل تشكيل الوعي، ودور الإعلام ودور الرئيس والمرأة ودور الشباب ودور الأمن القومي، وغيرها من المصطلحات التي كبرت ونمت في عهد دولة العلم والإيمان، التي لم تنتج لنا سوى أشباه متدينين وأشباه علماء.

صباحى ابن شرعي آخر للحالة المصرية، الأخطر عطبا، التي تسربت في نسيج بعض طبقات المجتمع، ونحمد لله أنها لست بالكثير، لكن خطورتها أقوى؛ لأنها تمتلك سلاح الكلمة الحنجورية الفاقعة، لم يأخذوا من عبد الناصر إلا كلمات الثورة والأحلام الأشتراكية. "لكلكة" كلام لا يثمر ولا يغنى، أدى بنا كما هو ثابت في التاريخ بالنكسة، وكسر الحلم الناصري، وتشتت مصر. فماذا قدمت جوقة عبد الناصر لنا سوى دفاتر من المذكرات الخائبة، التى تفضح الخلل النفسي لأصحابها وعقد النقص من ناصر، ما بين تأليهه والحط منه.. ماذا قدم لنا هذا المشروع سوى التباعد في الرؤية والمواقف، لماذا؟ لأننا نحب أصنامنا.

صباحي للأسف الابن الحنجوري المدلل، لدى طبقات المجتمع المعنية بحب الأصنام البراقة، المهمومة بالثورة والأحلام العريضة، التى لم تخرج من حيز الشعارات والجعير في المظاهرات، وعلى أرض الواقع لم تقدم أي شيء يذكر؛ سوى المزيد من التغريب والتهويم.

السيسي والصباحي أبناء طبعيين لحالة المجتمع التعيسة والمنشقة، وما يرمزان إليه من خلل مجتمعي يبدو على السطح حلو بثياب القومية وتحيا مصر، وبثياب الثورة والأشتراكية، وحلمهما أكبر من واقع المجتمع، الذي يعاني من مشاكل اجتماعية ونفسية وحضارية.. وكلاهما لم ينتج مشروعها إلا الفقر الفكري والأخلاقي والوطني والديني. وإن لم نع خطورته؛ فسوف نتدمر ذاتيا.. وإن لم يكف الفائز فيهما بالرئاسة عن هذا العبث فلن ننجى، ولن يكون إلا بمثابة تكرار للماضي وفشله.

أنا هنا لا أتهم أحدا ولا أقلل من قيمة أحد، لكن المنظومة ككل فاسدة، وعند التصحيح يجب تصحيح المسار ككل، وليس فرع. وأجلس وأطمئن بأني فتحت فتحا مبييا في مجتمعي، أيها الرئيس القادم احذر تلويث المجتمع بالشعارات القديمة والمبتكرة؛ فالمجتمع به من ملوثات مايكفي.. عليك أولا وأخيرا أن تعالج نفسك، ومجتمعك من إدمان الشعارات والرقص على إيقاعها. ومصر أكبر.